من قتل كمال السنانيرى ؟
ولد كمال السنانيرى عام بالقاهرة 1918وحصل على الثانوية العامة عام 1934 ولم يكمل تعليمه حيث التحق بالعمل بوزارة الصحة ،وقد انضم إلى جماعة الإخوان عام 1941 ،وقد قدم للمحاكمة أمام محكمة الشعب عام 1954 حيث حكم عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة ،وقد تعرض لتعذيب بشع أثناء المحاكمة لدرجة أن والدته لم تتعرف علية نتيجة هذا التعذيب ،وقد تعرضت زوجته لضغوط شديدة من جانب الأمن وأهلها لتطلب الطلاق منه ،وقد رفض أثناء سجنه كتابة تأييد لعبد الناصر، وقد عقد قرانه وهو بالسجن على أمينة قطب شقيقة سيد قطب وتزوج بها بعد خروجه من السجن عام 1973
وبعد خروجه من السجن بعد كل هذه السنوات لم يركن إلى حياة الراحة والدعة ،وكان له دور كبير فى الجهاد الأفغانى حيث ارتبط بعلاقات قوية مع قادة المجاهدين ،ولعب دورا هاما فى التوفيق بين قادة الفصائل الأفغانية وحل خلافتهم
وقد ألقى القبض عليه فى حملة سبتمبر التى شنها السادات عام 1981 والتى طالت كافة رموز القوى الوطنية على مختلف توجهاتها فى مصر ،وقد قتل فى 8/11/1981، وقد أعلن رسميا أنه انتحر فى السجن عن طريق ربط عنقه بفوطة ثم ربطها بكوع الحوض الموجود بالزانزانة !!!
هذه نبذة سريعة ومختصرة عن حياة هذا الرجل ،ويبقى السؤال الهام حول حقيقة مقتله فهل قتل نفسه كماادعت الأجهزة الأمنية ؟أم قتل نتيجة التعذيب الشديد الذى تعرض له ؟أم قتل عمدا كما يذكر أحد قادة الإخوان ؟
إن جماعة الإخوان توجه الاتهام للأمن بقتلة نتيجة التعذيب البشع الذى تعرض له ،وتستند فى ذلك إلى عدة أمور :
- سذاجة الرواية التى ذكرها الأمن حول طريقة انتحاره ،وعدم معقوليتها
- أن الرجل تعرض للتعذيب البشع ،والسجن لمدة عشرين عاما –كما مربنا – فليس من المعقول أن يقدم على الانتحاربعد أن تخطى الستين لمجرد حبسه لمدة شهرين
- شهادة بعض المعتقلين التى تشير إلى تعرضه للتعذيب ،والظروف المريبة التى صاحبت مقتله
- أن آثار التعذيب كانت ظاهرة عليه ، وقد تم حلق نصف لحيته
- أن الأمن لم يسمح لأهله بإقامة عزاء له ،وقصر تشييع جثمانه على عدد محدود من أفراد أسرته التى مورست عليهم ضغوط شديدة
- يذكر المسشار على جريشة أنه التقى اللواء فؤاد علام وكيل جهازأمن الدولة ورئيس إدارة مكافحة النشاط الدينى !! فى ألمانيا حيث أوفد اليها لتهدئة الأوضاع بعد زيارة قام بها الرئيس السابق مبارك لألمانبا قوبل خلالها بمظاهرات صاخبة تندد بمقتل السنانيرى وتطالب بمحاكمة قتلته ،وقد اتهم جريشه علام بأنه هو الذى أشرف على عملية تعذيب السنانيرى وأنه لما ضاق به قام بالتخلص منه ، وأعلن أنه انتحر ،ويوجه جريشه اتهاما محددا إلى ثلاثة من رجال الأمن ذكر أنه يحتفظ بأسمائهم بخنق السنانيرى تحت إشراف فؤاد علام ،وخطورة الاتهام الذى يوجهه جريشة هنا أنه يتهم الأمن بقتل السنانيرى عمدا
هذه أبرزالحجج التى يسوقها الإخوان للتدليل على قتل السنانيرى نتيجة التعذيب أو عمدا كما يرى جريشة
وعلى الجانب الآخر فقد تعرض فؤاد علام بالتفصيل لهذا الموضوع فى حديث مع المصرى اليوم فى سبتمبر 2006 حيث أكد على انتحارالسنانيرى وكان أبرز النقاط التى ساقها لتبرئة نفسه وتأكيد عملية الانتحار:
- أنه تم تجميده فى جهاز أمن الدولة قبل اغتيال السادات بعام ، وبعد اغتيال السادات تم تعيين حسن أبو باشا مديرا لجهاز أمن الدولة فى الأسبوع الأخير من أكتوبر ، والذى استدعاه وكلفه بالتحقيق مع قتلة السادات وجميع الإسلاميين المعتقلين ، وفى ذلك الوقت قتل السنانيرى منذ عشرة أيام أوأكثر ، وعندما ذكره الصحفى الذى يجرى الحوار أن السنانيرى قتل أول نوفمبر ،رد علام :لا قبل ذلك (قتل السنانيرى يوم 8/11)
- أن السنانيرى مات مشنوقا داخل دورة المياه ،وأنه أخذ ملاءة سرير وربطها فى الشباك ورفع الكرسى من تحته ومات (يوجد تضارب فى روايات الأمن حول مقتله ) وكان كاتب على الحائط قبلها " أنه يأس من الحياة ولذلك انتحر وأنه يهدى ساعته إلى على نويت " (الأسم الصحيح على نويتو،وهو واحد من الرعيل الأول لجماعة الإخوان المسلمين ))،وأنه تم تصوير ماهو مكتوب على الحائط ومضاهاته بخطوط يده وثبت أنه بخط يده
- أن الطب الشرعى أثبت أنه ليست به إصابات وأنه مات منتحرا وأن ابن أخت زوجته د عزمى بكر ،وأخيه محمد شوقى السنانيرى تسلما جثته ولم يجدا فيها أى آثار للتعذيب ،وقد سئل عزمى بكر فى التحقيقات التى حفظتها النيابة ، والتى أثبتت حالة السنانيرى بالتفصيل ولم تثبت به أى إصابات وأثبتت أنه انتحر
- أن الجانب الذى نامت عليه الجثة حينما وقعت فى المياه لم تظهر فيه اللحية فظن الإخوان أنه تم نتفها
- أن السنانيرى لم يكن له دور فى أى عملية حتى يتم التحقيق معه وتنزع منه أى اعترافات مثلما يقول الإخوان
- أنه سافر لألمانيا لتأمين زيارة الرئيس السابق لأوربا وأنه التقى على جريشة وأوضح له الأدلة على انتحار السنانيرى ،وأنه على استعداد بالاتفاق مع حسن ابوباشا لاستقبال جهة فنية لتحديد ما إذا كان هناك أثار تعذيب بجسمانه أم لا ، وأن على جريشة اكتفى بالطلب إليه أن يبعث له بتحقيقات النيابة للاطمئنان ،وأن جريشة بعث إليه بخطاب شكر بخط يده وأن الخطاب موجود فى أمن الدولة (نفى على جريشة ماذكره علام ،واتهمه بالإشراف على عملية تعذيب السنانيرى ،وأن اللقاء معه كان بعد زيارة مبارك لألمانيا،وقد تقدم ببلاغ يطلب التحقيق فى مقتل السنانيرى ، وكذلك ببلاغ ضد علام يتهمه بالسب والقذف )
هذه هى حجج الطرفين حول مقتل السنانيرى ، ولاأريد هنا التعرض لبعض الحجج - وهذا ليس هدف هذا المقال - التى ساقها علام والتى تحمل الكثير من التهافت ، وقد كان من الممكن لى التصدى لهذه الحجج فى نطاق البحث التاريخى قبل قيام الثورة ،أما وقد قامت الثورة فإنه ينبغى إفساح المجال للتحقيق القضائى بعد سقوط النظام السابق وتوافر الأجواء للتحقيق العادل والنزيه
لذلك أدعوا لفتح ملف مقتل السنانيرى من جديد وأدعوا كل من يملك أى معلومات بهذا الصدد للتقدم بشهادته ، وكذلك أدعوا لفتح ملفات الذين قتلوا تحت التعذيب (ومن هؤلاء المحامى عبد الحارث مدنى الذى قتل تحت التعذيب عام 1994)،والذين نحروا وعذبوا سواء فى سلخانات أمن الدولة أوفى أقسام الشرطة حتى لاتذهب دمائهم هدرا ،وحتى لايفلت المجرمون من العقاب
د صفوت حسين
مدرس التاريخ الحديث والمعاصر
كلية التلربية –جامعة دمنهور
الخميس أبريل 14, 2011 9:58 am