بقلم فضيلة الشيخ/ محمد عبدالله الخطيب
·الحملة على الحجاب جاءت بتعليمات من الولايات المتحدة.
· من يدَّعون أن الحجاب ليس فريضة لا يعرفون شيئًا عن الإسلام.
·أيادٍ خفية تدفع بعض الأقلام للإساءة إلى الإسلام .
·أقول لكل مسلمة: تمسكي بسرِّ العظمة والخير فيك، ولا تتنازلي عن دينك وإسلامك وحجابك، فهو سرُّ قوتك.
القرار الذي اتخذته فرنسا مؤخَّرًا بمنع ارتداء المسلمات للحجاب- لاعتباره أحد المظاهر العنصرية- فتح كثيرًا من الملفات المسكوتِ عنها منذ زمن؛ تجنُّبًا للاتهام بنظرية المؤامرة؛ حيث دلَّل هذا القرار بالبرهان القاطع على ما يضمره الغرب للإسلام والمسلمين وللهوية الإسلامية في أوروبا؛ حيث اعتبر البعضُ أن المقصود من قرار منع ارتداء الحجاب في فرنسا هو العمل على طمس الهوية الإسلامية في أوروبا بدمج المسلمين في المجتمع الغربي بكافة سلبياته الماديَّة، معتمدِين في ذلك على بعض أقلام بني جلدتنا للترويج لكثير من الأفكار المغلوطة والمغرضة في الوقت نفسه، من ترويج البعض بأنَّ الحجاب ليس فريضةً إسلاميةً، وأنه مجردُ مظهرٍ يميِّز المسلمةَ عن غيرها.
تقابلْنا مع الشيخ "محمد عبدالله الخطيب"- عضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمون وأحدُ علماء الأزهر الشريف- ليحدثَنا عن خلفيات قرار منع الحجاب في فرنسا، وماذا يجب على المسلمة أن تفعله تجاهَ هذه المخاطر التي تحيط بها؛ فأكد لنا أن هذا القرار يأتي في إطار الحملة الصليبية والصهيونية على الإسلام، وأنَّ المسلمة لا يجوز لها أن تخلع حجابها، كما قال: إنه يمكن للطالبات أن يضحين بعام دراسي في سبيل أن يكون هناك وقفةٌ قويةٌ ضدَّ هذا القرار... فإلى تفاصيل الحوار.
* فضيلة الشيخ... تخرج علينا بعض الأقلام من حين لآخر وتزعُم أن الحجابَ ليس فريضةً إسلاميةً، بل هو مجرد مظهر يميِّز المسلمةَ عن غيرها؛ فما رأي فضيلتكم؟
** قضية الحجاب قضية إيمان وأخلاق ونظام، والحجاب مجموعة من الأخلاق والآداب التي جاء بها الإسلام للمرأة؛ فالذين يرَون أن الحِجاب مجردُ قطعةِ قماشٍ بيضاءَ أو غير ذلك لا يفهمون هذا الدين، ولا يعرفون حقيقة هذه الشريعة؛ لأن الإسلام أعمق من هذا وأعظم، فالحجاب صيانة للمرأة، ووسيلة للحفاظ على أخلاقها وآدابها، وكلمةُ (الحجاب) لها كثيرٌ من الدِّلالات، في مقدمتها أنها مصونةٌ ومستورةٌ، والقرآن الكريم قال: ﴿ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ﴾ (الأحزاب: 59)، فلا ترى أحدًا ينظر إلى المحجَّبة نظرةً شيطانيةً؛ بل ينظر إليها نظرةَ احترامٍ وتقديرٍ.
وقضيةُ الحجاب تتلخَّص برمَّتها في قوله تعالى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُّوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا﴾ (الأعراف: 26)، وفي قوله تعالى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا﴾ (الأعراف: 27)، وفي قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً﴾ (الأحزاب: 28)؛ أي إن الحجاب فريضةٌ من فرائضِ الإسلام، وركنٌ من أركانه، ورمزٌ للمرأة المسلمة، وعلامةٌ على أنها تنتمي لهذا الدين وهذا الحق وهذه الرسالة، ومِن ثمَّ فإن القضية قضيةُ إيمانٍ وولاءٍ لله ولرسوله، وابتعادٍ عن الفواحش وشياطين الجنِ والإنسِ، وصيانةٍ للمرأة بالحفاظ على وضعها في الإطار الصحيح للمسلمة التي تؤمن بالله ربًّا وبالإسلام دينًا وبمحمد r نبيًّا ورسولاً.
إضافةً إلى ذلك فإن القضية قضية ارتفاع فوق فتنة الشيطان؛ فالذي تحرص الحضارة المدنية على إظهاره من مفاتن المرأة هو في نظر الإسلام سوأةٌ ينبغي أن تُستَر وأن تُصان، وأن تُبعَد عن أعين الناظرين.
أقلام مغرضة:
* رغم ثبوت فرضيَّة الحجاب، فإن هناك بعض الأقلام تخرج علينا من حين لآخر وتقول عكس ذلك؛ فما تفسير فضيلتكم لذلك؟
** هذه أقلام وتوجهات معروفة، ووراءها أيدٍ خفية، تدفعها لا للإساءة للحجاب أو المرأة المسلمة فقط؛ بل للإساءة إلى كل ما هو إسلامي، وإساءة إلى الالتزام بهذا الدين، ومن ثَمَّ فما يُدار الآن هو حملةٌ مدبَّرةٌ نحن نعرفها ونعرف مَنْ وراءَها، ونعرف أن المقصود منها هو التشكيك في هذا الدين وفي الصحوة الإسلامية والعمل الإسلامي الصحيح؛ ولذلك فإن المرأة المسلمة تسبِق مثيلاتِها، وتعلو عليهن، ولديها القدرة على مواجهة هذه الحملة المنكَرة، التي سوف تنتهي إلى فشل.. فلن يغير المسلمة أو الإسلام أن يقول من يتقول؛ فهو ثابت وراسخ، والحق باقٍ إلى يوم القيامة: ﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ﴾ (الأنبياء: 18).
* الهجمة الفرنسية على الحجاب جعلت البعضَ يذهب إلى جواز خلع المسلمة حِجابها؛ فما رأي فضيلتكم؟
** لا يصح ولا يجوز شرعًا أن تهزَّ هذه الهجمة- بكل أشكالها وألوانها- شعرةً في رأس المسلمة، ولا ينبغي لها أن تلتفت لهذا الأمر؛ بل عليها أن تكافح وأن تعتصم بالله وبدينها، وأن تتمسك به وتحافظ عليه، وتحسن التصرف في حركتها بألاَّ ترتاد الأماكن التي قد تتعرض فيها لمضايقات، ولا تستجيب لهذه الضغوط، فلا طاعةَ لمخلوق في معصية الخالق.
* لكن كيف تتصرف الطالبات المحجبات وهن ممنوعات من دخول المدرسة؟
** عليهن أن يعالجن أمورهن؛ كأن يذهب- على سبيل المثال- أولياء أمورهن إلى هذه المدارس، ويكون لهم وقفات ووقفات ووقفات، وأن يتصلوا بالجهات المختلفة؛ لعل الله يُحدث بعد ذلك أمرًا، ولا بأس أن يضيع عامٌ دراسي على التلميذات في سبيل أن يَصِلْنَ إلى حل لهذا الأمر الخطير.
التحايل على القرار:
* هناك من يرى أنه يمكن التحايل على هذا القرار بأن ترتدي الفتاة على سبيل المثال إيشارب وقبعة؟
** إظهار الوجه والكفين فقط، مع ستر الباقي بطريقة لا تثير الشياطين، ممكن التصرف فيها، ولا بأس منها إن شاء الله.
* في تقديركم الشخصي.. هل نجاح فرنسا- إن جازت التسمية- في اقتلاع الحجاب يمثل تهديدًا للهوية الإسلامية في أوروبا؟
** الحملة كلها يبدو- كما أعلم- موجهة من الولايات المتحدة؛ فقد نُقل عن "بوش" أنه قال: "خلال عامين لن أترك شابًّا بلحية، أو امرأةً بحجاب"، وهو كذَّاب؛ لأنه لا يستطيع أن يحرك شعرةً في لحية مسلم؛ فالمسلم أقوى منه وأعظم، وأشرف منه عند الله I، وقد تحدَّى الإسلامَ والمسلمين من قبله الكثيرون، وفشلوا وضاعوا، وانتهوا إلى ما سينتهي إليه "بوش" وغيره، فالله I سوف يرد كيد حملتهم، خاصةً أن إخواننا في أوروبا متمسكون بإسلامهم، ويحرصون عليه، ويصبرون على تكاليفه، فبإذن الله لن يستطيع الأعداءُ أن ينجحوا في مخططاتهم.
* هل للحركات الإسلامية دور يمكن أن تلعبه لدعم صمود مسلمات فرنسا ضد هذه الهجمة؟
** عليها أن تقود الحركة ضد هذه الهجمة، وأن يكون أبناؤها روَّادًا في مواجهة تلك الهجمة، وقد وصف رسول الله r أصحابه عند الشدَّة، فقال: "بارك الله فيكم، إنكم تكثُرون عند الفزع وتقلون عن الطمع"، فدور الحركات الإسلامية والغيورين على الإسلام يأتي في هذه اللحظات؛ حتى يذُودوا عن الإسلام، وعن المرأة وعن الرجل وعن أنفسهم، وعليهم أن يتحمَّلوا ويصبروا، فليس ذلك بعجيب عليهم؛ بل هو ما يجب أن يكون إن شاء الله، وذلك من خلال المحاضرات والندوات وخُطب الجمَع، وتقديم النصيحة، وتقديم المعونة، وإصدار الكتب، وتنظيم حملات ضد هذه الهجمات.
رسالة إلى كل مسلمة:
* هل من رسالة يمكن أن توجهها إلى المسلمة، خاصةً التي تعيش في أوروبا؟
** أقول لكل مسلمة، خاصةً من يتعرضنَ لضغوط: تمسكي بسرِّ العظمة والخير فيك، وقفي أمام هذه الحملة (الصليبية- الصهيونية) بشموخ وقوة، ولا تتنازلي عن دينك وإسلامك وحجابك، فهو سرُّ قوتك، وسر استمرار هذا الخير الذي بزغ في العالم كله، وأنتِ من رُوَّاد الصحوةِ الإسلامية، فاحرصي على استمرارها.
-----------------